الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وقِيل منْ راقٍ} أي: قال من حضر صاحبها: من يرقيه ويشتفي برقيته؟.قال قتادة: التمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئا، وبه قال أبو قلابة، ومنه قول الشاعر: وقال أبو الجوزاء: هو من رقى يرقى إذا صعد، والمعنى: من يرقى بروحه إلى السماء أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ وقيل: إنه يقول ذلك ملك الموت، وذلك أن نفس الكافر تكره الملائكة قربها {وظنّ أنّهُ الفراق} أي: وأيقن الذي بلغت روحه التراقي أنه الفراق من الدنيا ومن الأهل والمال والولد.{والتفت الساق بالساق} أي: التفت ساقه بساقه عند نزول الموت به.وقال جمهور المفسرين: المعنى تتابعت عليه الشدائد.وقال الحسن: هما ساقاه إذا التفتا في الكفن.وقال زيد بن أسلم: التفت ساق الكفن بساق الميت.وقيل: ماتت رجلاه ويبست ساقاه ولم تحملاه، وقد كان جوّالا عليهما.وقال الضحاك: اجتمع عليه أمران شديدان: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه.وبه قال ابن زيد.والعرب لا تذكر الساق إلاّ في الشدائد الكبار والمحن العظام، ومنه قولهم: قامت الحرب على ساق.وقيل: الساق الأوّل تعذيب روحه عند خروج نفسه، والساق الآخر شدّة البعث وما بعده.{إلى ربّك يوْمئِذٍ المساق} أي: إلى خالقك يوم القيامة المرجع، وذلك جمع العباد إلى الله يساقون إليه.{فلا صدّق ولا صلى} أي: لم يصدّق بالرسالة ولا بالقرآن، ولا صلى لربه، والضمير يرجع إلى الإنسان المذكور في أوّل هذه السورة.قال قتادة: فلا صدّق بكتاب الله ولا صلى لله.وقيل: فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه.قال الكسائي: لا بمعنى لم، وكذا قال الأخفش: والعرب تقول: لا ذهب، أي: لم يذهب، وهذا مستفيض في كلام العرب، ومنه: {ولكن كذّب وتولى} أي: كذّب بالرسول وبما جاء به، وتولى عن الطاعة والإيمان.{ثُمّ ذهب إلى أهْلِهِ يتمطى} أي: يتبختر ويختال في مشيته افتخارا بذلك.وقيل: هو مأخوذ من المطي، وهو الظهر، والمعنى: يلوي مطاه.وقيل: أصله يتمطط، وهو التمدّد والتثاقل، أي: يتثاقل ويتكاسل عن الداعي إلى الحق {أولى لك فأولى ثُمّ أولى لك فأولى} أي: وليك الويل، وأصله: أولاك الله ما تكرهه، واللام مزيدة، كما في {ردِف لكُم} [النمل: 72].وهذا تهديد شديد، والتكرير للتأكيد، أي: يتكرر عليك ذلك مرة بعد مرة.قال الواحدي: قال المفسرون: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي جهل، ثم قال: {أولى لك فأولى} فقال أبو جهل: بأيّ شيء تهدّدني، لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا، وإني لأعزّ أهل هذا الوادي، فنزلت هذه الآية.وقيل معناه: الويل لك، ومنه قول الخنساء: وعلى القول بأنه الويل.قيل: هو من المقلوب كأنه قيل: أويل لك، ثم أخر الحرف المعتل.قيل: ومعنى التكرير لهذا اللفظ أربع مرات، والويل لك حيا، والويل لك ميتا، والويل لك يوم البعث، والويل لك يوم تدخل النار.وقيل المعنى: إن الذمّ لك أولى لك من تركه.وقيل المعنى: أنت أولى وأجدر بهذا العذاب، قاله ثعلب.وقال الأصمعي: أولى في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك.قال المبرّد: كأنه يقول: قد وليت الهلاك وقد دانيته، وأصله من الولي، وهو القرب، وأنشد الفراء: أي: قارب أن يكون لك، وأنشد أيضا: {أيحسب الإنسان أن يُتْرك سُدى} أي: هملا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يحاسب ولا يعاقب.وقال السدي: معناه المهمل، ومنه إبل سدى، أي: ترعى بلا راع.وقيل المعنى: أيحسب أن يترك في قبره كذلك أبدا لا يبعث، وجملة: {ألمْ يكُ نُطْفة مّن مّنِىّ يمنى} مستأنفة: أي: ألم يك ذلك الإنسان قطرة من منيّ يراق في الرحم، وسمي المنيّ منيا لإراقته، والنطفة: الماء القليل، يقال نطف الماء إذا قطر.قرأ الجمهور: {ألم يك} بالتحتية على إرجاع الضمير إلى الإنسان.وقرأ الحسن بالفوقية على الالتفات إليه توبيخا له.وقرأ الجمهور أيضا: {تمنى} بالفوقية على أن الضمير للنطفة.وقرأ حفص، وابن محيصن، ومجاهد، ويعقوب بالتحتية على أن الضمير للمنى، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو، واختارها أبو حاتم {ثُمّ كان علقة} أي: كان بعد النطفة علقة، أي: دما {فخلق} أي: فقدّر بأن جعلها مضغة مخلقة {فسوى}، أي: فعدّله وكمل نشأته، ونفخ فيه الروح.{فجعل مِنْهُ} أي: حصل من الإنسان.وقيل: من المنيّ {الزوجين} أي: الصنفين من نوع الإنسان.ثم بين ذلك فقال: {الذكر والأنثى} أي: الرجل والمرأة.{أليْس ذلِك} أي: ليس ذلك الذي أنشأ هذا الخلق البديع وقدر عليه {بِقادِرٍ على أن يُحْىِ الموتى} أي: يعيد الأجسام بالبعث كما كانت عليه في الدنيا، فإن الإعادة أهون من الابتداء، وأيسر مؤنة منه.قرأ الجمهور: {بقادر} وقرأ زيد بن عليّ: (يقدر) فعلا مضارعا، وقرأ الجمهور: {يحيي} بنصبه بأن.وقرأ طلحة بن سليمان، والفياض بن غزوان بسكونها تخفيفا، أو على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما مرّ في مواضع.وقد أخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وقِيل منْ راقٍ} قال: تنتزع نفسه حتى إذا كانت في تراقيه.قيل: من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب.{والتفت الساق بالساق} قال: التفت عليه الدنيا والآخرة، وملائكة العذاب أيهم يرقى به.وأخرج عبد بن حميد عنه: {وقِيل منْ راقٍ} قل: من راق يرقى.وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضا: {والتفت الساق بالساق} يقول: آخر يوم من أيام الدنيا وأوّل يوم من أيام الآخرة، فتلقى الشدّة بالشدّة إلاّ من رحم الله.وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا {يتمطى} قال: يختال.وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: {أولى لك فأولى} أشيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل من قبل نفسه، أم أمره الله به؟ قال: بل قاله من قبل نفسه، ثم أنزله الله.وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أن يُتْرك سُدى} قال: هملا.وأخرج عبد بن حميد، وابن الأنباري عن صالح أبي الخليل قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية {أليْس ذلِك بقادر على أن يُحْيِى الموتى} قال: «سبحانك اللّهم، وبلى» وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية: {أليْس ذلِك بقادر على أن يُحْيِى الموتى} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحانك ربي، وبلى» وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند قراءته لهذه الآية: «بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين» وأخرج أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ منكم: {والتين والزيتون} [التين: 1]، فانتهى إلى آخرها: {أليْس الله بِأحْكمِ الحاكمين} [التين: 8] فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.ومن قرأ {لا أُقْسِمُ بِيوْمِ القيامة} [القيامة: 1]، فانتهى إلى قوله: {أليْس ذلِك بقادر على أن يُحْيِى الموتى} فليقل: بلى.ومن قرأ: {والمرسلات عُرْفا} [المرسلات: 1] فبلغ: {فبِأيّ حديث بعْدهُ يُؤْمِنُون} [الأعراف: 85] فليقل: آمنا بالله» وفي إسناده رجل مجهول.وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأت {لا أُقْسِمُ بِيوْمِ القيامة} فبلغت: {أليْس ذلِك بقادر على أن يُحْيِى الموتى} فقل: بلى». اهـ.
قال الرازي: يكنى ببلوغ النفس التراقي، عن القرب من الموت، ومنه قول دريد ابن الصمة: ونظيره قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} [الواقعة: 83] {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} قال ابن جرير: أي: وقال أهله: من ذا يَرقيه ليشفيه مما قد نزل به، وطلبوا له الأطباء والمداويين، فلم يغنوا عنه من أمر الله الذي قد نزل به شيئاً. أي: فالاستفهام بمعنى الطلب لراقٍ أو طبيب. وجوز كونه بمعنى الإنكار، يأساً من أن يقدر أحد على نفعه برقية أو عوذة.لطيفة:قال الواحدي: إن إظهار النون عند حروف الفم لحن، فلا يجوز إظهار نون {مَنْ} في قوله: {مَنْ رَاقٍ} وروى حفص بن عاصم إظهار النون في قوله: {مَنْ رَاقٍ} و{بَلْ رَانَ} قال أبو علي الفارسي: ولا أعرف وجه ذلك. قال الواحدي: والوجه أن يقال: قصد الوقف على {مَنْ} و{بَلَ} فأظهرهما، ثم ابتدأ بما بعدهما. وهذا غير مرضي من القراءة. انتهى.نقله الرازي.{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} أي: وأيقن الذي قد نزل ذلك به أنه فراق الدنيا والأهل والمال.{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي: الْتوَت ساقه بساقه، فلا يقدر على تحريكها. وقيل: هما ساقاه، إذا التفتا في الكفن. وقيل: الساق عبارة عن الشدة، كما مر في سورة القلم. والتعريف للعهد أيضاً.قال الشهاب: فإن قلت: ما مرّ هو الكشف عن الساق، ووجه ظاهر، لأن المصاب يكشف عن ساقه، فكيف ينزل هذا عليه؟قلت: الأمر كما ذكرت، لكنه شاع فيه، ففهم ذلك من السياق وحده، حتى صار عبارة عن كل أمر فظيع، كما أشار إليه الراغب، انتهى.{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} أي: سوقه إلى حكمه تعالى.{فَلَا صَدَّقَ} أي: بالدِّين والكتاب. أو صدق ماله، أي: ما زكَّاه {وَلَا صَلَّى} أي: الصلاة التي هي رأس العبادات، التي سها عنها.{وَلَكِن كَذَّبَ} أي: بدل التصديق {وَتَوَلَّى} أي: بدل الصلاة التي بها كمال التوجه إلى الله تعالى: {ثُمَّ} أي: مع هذه التقصيرات في جنب الله تعالى:{ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} أي: يتبختر في مشيته. وأصله يتمطط، أي: يتمدد، لأن المتبختر يمد خطاه.تنبيهات:الأول: الضمير في الآيات للإنسان المتقدم في قوله تعالى: {أَيحسب الإنسان}الثاني: قال الرازي: إنه تعالى شرح كيفية عمله فيما يتعلق بأصول الدين وفروعه، وفيما يتعلق بدنياه. أما ما يتعلق بأصول الدين فهو أنه ما صدق بالدين، ولكن كذب به. وأما ما يتعلق بفروع الدين فهو أنه ما صلى، ولكنه تولى، وأعرض. وأما ما يتعلق بدنياه، فهو أنه ذهب على أهله يتمطى ويختال في مشيته.الثالث: دلت الآية على أن الكافر يستحق الذم والعقاب بترك الصلاة، كما يستحقهما بترك الإيمان.الرابع: قال الرازي: قال أهل العربية: لا هاهنا في موضع لم، فقوله: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} أي: لم يصدق ولم يصلّ، وهو كقوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11]، أي: لم يقتحم.وكذلك ما روي: «أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا استهل». قال الكسائي: لم أر العرب قالت في مثل هذا كلمة وحدها، حتى تتبعها بأخرى، إما مصرحاً بها، أو مقدراً. أما المصرح، فلا يقولون لا عبد الله خارج، حتى يقولوا: ولا فلان، ولا يقولون: مررت برجل لا يحسن، حتى يقولوا: ولا يجمل. وأما المقدر فهو كقوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11]، ثم اعترض الكلام فقال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ}، وكان التقدير: لا فك رقبة ولا أطعم مسكيناً، فاكتفى به مرة واحدة. ومنهم من قال: التقدير في قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ} أي: أفلا اقتحم، وهلا اقتحم. انتهى.{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} أي: ويل لك مرة بعد مرة. دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه ولاءً متكرراً متضاعفاً.وقيل: المعنى بُعْداً لك، فبعداً في أمر دنياك، وبعداً لك فبعداً في أمراً أخراك، حكاه الرازي عن القاضي، ثم قال: قال القفال: هذا يحتمل وجوهاً.أحدها: أنه وعيد مبتدأ من الله للكافر.والثاني: أنه شيء قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعدوه- يعني أبا جهل- فاستنكره عدو الله لعزته عند نفسه، فأنزل الله تعالى مثل ذلك.والثالث: أن يكون ذلك أمراً من الله لنبيه بأن يقولها لعدو الله، فيكون المعنى: ثم ذهب إلى أهله يتمطى، فقل له يا محمد: أولى لك فأولى، أي: احذر، فقد قرب منك مالا قِبل لك به من المكروه. انتهى. والأظهر هو الأول.لطيفة:تفسير {أَوْلَى لَكَ} بـ ويل لك، قال الشهاب: هو محصل معناه المراد منه، فإنه مثله، فيرد للدعاء عليه، أو للتهديد والوعيد.وعن الأصمعي أنها تكون للتحسُّر على أمر فات.هذا هو المعنى المراد لها. وأما الكلام في لفظها فقيل: هو فعل ماض دعائي من الوَلي، واللام مزيدة. أي: أولاك الله ما تكرهه. أو غير مزيدة، أي: أدنى الهلاك لك. وقريب منه قول الأصمعي: إن معناه قاربه ما يهلكه أن ينزل به. واستحسنه ثعلب.وقيل: إنه اسم وزنه أفعل، من الويل، فقلب. وقيل فَعْلَى، ولذا لم ينون. ومعناه ما ذكر، وألفه للإلحاق لا للتأنيث. وعلى الاسمية هو مبتدأ، و{لَكَ} الخبر. وقيل: إنه اسم فعل مبنيّ، ومعناه وَلِيَك شر بعد شر.ونقل الزمخشري عن أبي عليّ أنه عَلَمٌ لمعنى الويل، وهو غير منصرف للعلمية ووزن الفعل. وقيل عليه: إن الويل غير متصرف، ومثل يوم أيوم، غير منقاس، ولا يفرد عن الموصوف. وادعاء القلب من غير دليل لا يسمع، وعلم الجنس خارج عن القياس، فما ذكر بعيد من وجوه عدة. وقيل: الأحسن أنه أفعل تفضيل خبر لمبتدأ يقدر كما يليق بمقامه، فالتقدير هنا: النار أولى لك، يعني: أنت أحق بها، وأهل لها. انتهى.{أَيحسب الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى} أي: همَلاً لا يؤمر ولا ينهى ولا يجازى، مع أنه الإنسان الذي أودع العقل وعلِّم البيان، وغرز في طبعه أن يعيش مجتمعاً، وخص من المواهب ما فضل على غيره. فمن تمام الإحسان إليه إنقاذه من حيرته، وإعلامه بسبيل هدايته، وأن لا يترك خابطاً في متائه جهالته، وقد كان ذلك بفضل الله ونعمته، كما أشار لذلك بقوله: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى} أي: يصبّ في الرحم {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً} أي: دماً {فَخَلَقَ} أي: قدّر أعضاءه {فَسَوَّى} أي: سوى تلك الأعضاء لأعمالها وعدّلها. {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ} أي: الصنفين {الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} أي: لبقاء نوعه، يعمر الدنيا إلى الأجل الذي كتبه وقدره.{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} أي: فيوجدهم بعد مماتهم لعمارة الآخرة.وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: «سبحانك فبَلىَ»- رواه أبو داود عن رجل من الصحابة.ورواه أيضاً عن أبي هريرة بلفظ: «من قرأ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فانتهى إلى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فليقل: بلى». ورواه الإمام أحمد والترمذي أيضاً.والله أعلم. اهـ.
|